كتاب: سير أعلام النبلاء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: سير أعلام النبلاء



فأتيناه فقرعت الباب فخرج وحادثه ساعة ثم قال: عليك دين؟
قال: نعم.
قال: أبا عباس! اقض دينه.
فلما خرجنا (1) قال: ما أغنى عني صاحبك شيئا انظر لي رجلا أسأله.
قلت: ها هنا الفضيل بن عياض.
قال: امض بنا إليه.
فأتيناه فإذا هو قائم يصلي يتلو آية يرددها فقال: اقرع الباب.
فقرعت فقال: من هذا؟
قلت: أجب أمير المؤمنين.
قال: ما لي ولأمير المؤمنين؟
قلت: سبحان الله! أما عليك طاعة؟
فنزل ففتح الباب ثم ارتقى إلى الغرفة فأطفأ السراج ثم التجأ إلى زاوية فدخلنا فجعلنا نجول عليه بأيدينا فسبقت كف هارون قبلي إليه فقال: يا لها من كف ما ألينها إن نجت غدا من عذاب الله!
فقلت في نفسي: ليكلمنه الليلة بكلام نقي من قلب تقي.
فقال له: خذ لما جئناك له- رحمك الله-.
فقال: إن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة دعا سالم بن عبد الله ومحمد بن كعب ورجاء بن حيوة فقال لهم: إني قد ابتليت بهذا البلاء فأشيروا علي.
فعد الخلافة بلاء وعددتها أنت وأصحابك نعمة.
فقال له سالم: إن أردت النجاة فصم الدنيا وليكن إفطارك منها الموت.
وقال له ابن كعب: إن أردت النجاة من عذاب الله فليكن كبير المسلمين عندك أبا وأوسطهم أخا وأصغرهم ولدا فوقر أباك وأكرم أخاك وتحنن على ولدك.
وقال له رجاء: إن أردت النجاة من عذاب الله فأحب للمسلمين ما تحب لنفسك واكره لهم ما تكره لنفسك ثم مت إذا شئت وإني أقول لك هذا وإني أخاف عليك أشد الخوف يوما (2) تزل فيه الأقدام فهل معك- رحمك الله- من
__________
(1) سقطت من الأصل واستدركت من " الحلية " 8 / 106.
(2) في الأصل: " يوم " وما أثبتناه من " الحلية ".